طبق خان يونس في عيد الأضحى

المسبك

طبق خان يونس في عيد الأضحى

تنتظر النساء الكبار في السن القاطنات في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، مجيء عيد الأضحى المبارك بفارغ الصبر، فهو الموسم الوحيد الذي يعد صالحاً لطبخ "المسبك" بسبب توفر كميات كبيرة من اللحم بالإضافة لوجود الشحم الذي يعتبر هو المكون الأساسي في طبخ "المسبك" لذيذ المذاق.

والمسبك هي عبارة عن أكلة فلسطينية من الممكن أن لا يعرفها الكثيرون خصوصاً من الأجيال الجديدة، لكنها كانت تعد هي الصنف الأساسي الذي تخزن بواسطته اللحوم قديماً، قبل أن تتوفر الكهرباء وأجهزة التبريد التي صارت تتوفر في كل منزل.

وتقول النساء في خان يونس بأنه في قديم الزمان كانوا ينتظرون من العيد إلى العيد حتى يطبخوا طبق المسبك، حيث كان وسيلة الأهل لحفظ لحم الأضحية، متذكرات جيداً حينما كانت الأمهات يأخذن شحوم الأضحية ويقمن بتقطيعها، قبل أن يتم إشعال النار ووضعها في إناء كبير، حتى تتحول بعد وقت قصير إلى مادة زيتية، و في الأثناء يكون اللحم قد قطع ثم يتم إضافته للشحم السائل وإكمال الطبخة حتى تتخلص اللحوم من كل أثر للماء، وتكون وقتها قد باتت جاهزة للأكل.

وبحسب النساء في خان يونس، فبعد أن يبرد المسبك وهو مكشوف إلا من شاش أبيض ليتم منع وصول الحشرات تقوم الأم بتعبئته في جرة فخارية كبيرة، وتغطيه، ليتم تخزينه لأشهر طويلة ليتم الأكل منه، واستخدامه لتطعيم الطبخات اليومية بالنكهة المميزة.

وعندما يبرد المسبك، يكون مغطى باللون الأبيض، وهو الشحم الذي تم العمل على طبخه وقد تحول إلى ما يشبه السمن، وهي المادة المساعدة على حفظ اللحم لمدة طويلة.

وبحسب السيدات هناك فحتى يتم ضمان عدم تلفه أو تعرضه للتعفن من المهم أن يؤخذ منه بواسطة ملعقة جافة، وعدم وصول الماء إليه، وهو ما يفسر بعدم تغطيته كل فترة الطبخ إلى أن يبرد تماماً.

في ذلك الوقت لم يكن المال متوفراً لشراء اللحوم وبشكل يومي كما اليوم، فلذلك كان للعيد بهجة وانتظار بفرحة وبشغف.

وقديماً كان يتم صنع طبق لذيذ ومميز من المسبك في أيام عيد الأضحى وفي الغالب ما يكون ثالثه وهو " المطبق" وهو أن يتم حشو العجين بالمسبك وتطبيقه حتى يصبح مربع الشكل ثم يتم خبزه على الصاج، لتتساقط منه كل الشحوم ويبقى طرياً شهي الطعم والرائحة.

تشتاق نساء خان يونس لطعم المطبق الذي كان يتم صنعه من المسبك، وينتظرن العيد لصنعه، لكنهن اليوم يعدن تعد يهنأن بذات اللذة بسبب تغير الأذواق لدى الأبناء والأحفاد على مر الأجيال، فليسوا جميعاً يفضلونه على الطريقة القديمة.

موسوعة دروب المعرفية - سلسلة بلادنا