القدس
مدينة تحطمت على أسوارها أساطير ودولٍ وكبرياء قادة، كانت ولا زالت محط أنظار العالم، قدسيتها في الأديان السماوية جعلت منها مطمعاً لعدد من الدول والأمم على مر التاريخ، حديثنا اليوم عن أولى القبلتين وثالث الحرمين، عاصمة فلسطين الأبدية القدس.
تعتبر مدينة القدس أكبر مدن فلسطين التاريخية وأكثرها أهمية على المستويين الديني والاقتصادي، وتقع في وسط فلسطين، وتبعد نحو 60 كيلومترا شرق البحر المتوسط وحوالي 35 كيلومترا غرب البحر الميت، و250 كيلومترا شمالا عن البحر الأحمر، وتبعد عن عمّان 88 كيلومترا غربا، وعن بيروت 388 كيلومترا جنوبا وعندمشق290 كيلومترا جنوب غرب.
وتمتد جغرافياً في الوقت الحالي من الجهة الجنوبيّة لجبال الخليل، والجهة الشماليّة لجبال نابلس، ويصل ارتفاعها فوق مستوى سطح البحر إلى ما يقارب 775 م.
تعد مدينة القدس من أقدم المدن حول العالم، حيث يعود تاريخها إلى أكثر من خمسة الاف سنة، تعددُ أسمائها وألقابها يدل على عمق المدينة التاريخي، سكنت قبيلة اليبوسيين وهي أحد البطون الكنعانية العربية المدينة حوالي عام 2500 ق.م فأطلقوا عليها اسم يبوس، وفي بداية القرن 16 قبل الميلاد خضعت المدينة للحكم الفرعوني المصري، وبعدها هاجتمهم قبائل بدوية وما لبثت الا ان عادت تحت سيطرة المصريين، وحكم اليهود المدينة بعد الفراعنة المصريين لمدة 73 عاما فقط من كامل تاريخها الذي يمتد لأكثر من 5000 الاف سنة، حيث حكم النبي داوود المدينة لأربعين سنة، ثم جاء من بعده النبي سليمان وحكمها قرابة 33 عاما، وبعد وفاته تقسمت المدينة على يد ابنه، فخلف من بعد اليهود البابليون وبعدهم العصر الفارسي فاليوناني، ثم 700 عام تحت الحكم الروماني، وبعد انقسام الرومان عاد الفرس للمدينة، وما لبث الروم إلا أن أعادوها حت الحكم الاسلامي.
في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، انتصر جيش المسلمين بقيادة أبي عبيدة عامر ابن الجراح، وكان شرط البطريرك في القدس أن يتسلم عمر المدينة بنفسه فكتب معهم "العهدة العمرية" وهي وثيقة منحتهم الحرية الدينية مقابل الجزية. وغير اسم المدينة من إيلياء إلى القدس، ونصت الوثيقة ألا يساكنهم أحد من يهود.
وبدأ المدينة تزدهر في بداية الحكم الاسلامي وازداد الاهتمام بها وشهدت نهضة في مختلف الاصعدة وخصوصاً العلوم في العهد الاموي والعباسي، وفي عهد الخليفة الأموي عبدالملك بن مروان، بني مسجد قبة الصخرة الذي بناه في الفترة من 682 – 691م، وبعدها أعيد بناء المسجد الأقصى عام 709م، وفي عهد العباسيين شهدت المدينة تفككا واقتتالا مع الفاطميين والقرامطة، ثم حكمها السلاجقة عام 1071م.
وبعد أقل من ثلاثة عقود سقطت القدس في أيدي الصليبيين، بعما حكمها المسلمون خمسة قرون ازدهرت فيها المدينة من كل النواحي، إلا أن اقتتال السلاجقة والفاطميين، والسلاجقة فيما بينهم أدى ذلك لدخول الصليبيين إلى المدينة، وفور وخولهم قتلوا 70 ألف مسلم كما انتهكوا كل المقدسات الاسلامية.
ولم يتجاوز احتلال الصليبيين قرناً من الزمان، حت ىعاد صلاح الدين فاتحاً المدينة في معركة حطين الخالدة، وبعد وفاته احتلها الصليبيون مرة أخرى، لكن بعد عقد واحد من الزمان استردها الملك نجم الدين أيوب.
كما كانت على مر الزمان، بقيت القدس مطمعاً يحلم به الجميع، فحاول المغول عبر حملاتهم احتلال المدينة، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل.
بعد حكم المماليك، تولت أمر المدينة الدولة العثمانية بعد معركة مرج دابق التي انتصرت فيها الدولة العثمانية، حكمهم في القدس بقي قرابة 400 عام، حتى خسرت الدولة الثمانية في الحرب العالمية الاولى، حيث ساهم تفككها وانتشار الخيانات فيها إلى انتهاء زمن الخلافة، وأصبحت القدس تحت حكم الانتداب البريطاني، وفي عام 1948 أنهي الانتداب لتأتي من بعده العصابات الصهيونية وأعلنت قيام ما أسمتها الدولة الإسرائيلية، وقد اتخذت من شرقي القدس عاصمة لها، وخضع حكم شرقي القدس للأردن حتى الحرب في سنة 1967 فاستولت سلطات الاحتلال على المدينة بأكملها.
واليوم تعاني المدينة من تقسيم زماني ومكاني، ويحاول الاحتلال تفريغ المدينة من الفلسطينيين من خلال ممارساته في حي الشيخ جراح وحي بطن الهوى في سلوان.
تزينت القدس بالكثير من المعالم الاثرية والتاريخية، وأبرز هذه المعالم المسجد الاقصى المبارك، ومسجد قبة الصخرة، وكنيسة القيامة التي تعد من أقدم الكنائس في العالم، والعديد العديد من الاماكن الاثرية والتاريخية.
اشتهرت القدس بأبوابها السبعة، والتي هي باب العامود وباب الساهرة وباب الاسباط وباب المغاربة وباب النبي داوود وباب الخليل وباب الجديد.
وحملت المملكة الاردنية الهاشمية على عاتقتها سؤولية الحفاظ على المقدّسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس وذلك انطلاقاً من الإرث التاريخي والديني وارتباطها بالنبي محمد صلّى الله عليه وسلّم، فحفظ الهاشميون هذا الإرث وحافظوا على المدينة وأولوها كلّ اهتمامهم ورعايتهم.
موسوعة دروب المعرفية - سلسلة بلادنا
شاهد أيضاً
-
- القدس
- 14:11